للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْمُعْتَقَةِ، وَلَا قَالَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيَقْطَعَ تَأَسّي الْأُمّةِ بِهِ فِي ذَلِكَ، فَاَلله سُبْحَانَهُ أَبَاحَ لَهُ نِكَاحَ امْرَأَةِ مَنْ تَبَنّاهُ؛ لِئَلّا يَكُونَ عَلَى الْأُمّةِ حَرَجٌ فِي نِكَاحِ أَزْوَاجِ مَنْ تَبَنّوْهُ، فَدَلّ عَلَى أَنّهُ إذَا نَكَحَ نِكَاحًا؛ فَلِأُمّتِهِ التّأَسّي بِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَأْتِ عَنْ الله وَرَسُولِهِ نصٌّ بِالِاخْتِصَاصِ، وَقَطْعِ التّأَسّي، وَهَذَا ظَاهِرٌ.

قال -رحمه الله- (٣/ ٣٤٩): وَمِنْهَا: جَوَازُ عِتْقِ الرّجُلِ أَمَتَهُ، وَجَعْلِ عِتْقِهَا صَدَاقًا لَهَا، وَيَجْعَلُهَا زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَلَا شُهُودٍ، وَلَا وَلِيّ غَيْرِهِ، وَلَا لَفْظِ إنْكَاحٍ، وَلَا تَزْوِيجٍ كَمَا فَعَلَ - صلى الله عليه وسلم - بِصَفِيّةَ، وَلَمْ يَقِلْ قَطّ هَذَا خَاصّ بِي، وَلَا أَشَارَ إلَى ذَلِك؛ مَعَ عِلْمِهِ بِاقْتِدَاءِ أُمّتِهِ بَهْ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصّحَابَةِ إنّ هَذَا لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ، بَلْ رَوَوْا الْقِصّةَ وَنَقَلُوهَا إلَى الْأُمّةِ، وَلَمْ يَمْنَعُوهُمْ، وَلَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ.

ثم قال: وَالْقِيَاسُ الصّحِيحُ يَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ؛ فَإِنّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، وَمَنْفَعَةَ وَطْئِهَا، وَخِدْمَتِهَا؛ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقّهُ مِنْ مِلْكِ الرّقَبَةِ وَيَسْتَبْقِيَ مِلْكَ المَنْفَعَةِ، أَوْ نَوْعًا مِنْهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدِمَهُ مَا عَاشَ، فَإِذَا أَخْرَجَ المَالِكُ رَقَبَةَ مِلْكِهِ وَاسْتَثْنَى نَوْعًا مِنْ مَنْفَعَتِهِ؛ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي عَقْدِ النّكَاحِ.

وَلمَّا كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تُسْتَبَاحُ إلّا بِعَقْدِ نِكَاحٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَكَانَ إعْتَاقُهَا يُزِيلُ مِلْكَ الْيَمِينِ عَنْهَا؛ كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِبَاحَةِ هَذِهِ المَنْفَعَةِ جَعْلُهَا زَوْجَةً وَسَيّدُهَا كَانَ يَلِي نِكَاحَهَا، وَبَيْعَهَا مِمَّنْ شَاءَ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِنْهَا، وَلمَّا كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ عَقْدُ النّكَاحِ مَلَكَهُ؛ لِأَنّ بَقَاءَ مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>