في رواية، وصحَّ هذا القول عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وسنده أصح من المروي عنه بالقول الأول.
واستدلوا بأنَّ الله تعالى بدأ بخطاب الأزواج على المواجهة بقوله:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}، ثم قال:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة:٢٣٧]، وهذا خطاب غير حاضر.
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: القول الأول أقرب، ولا يمتنع العدول عن خطاب الحاضر إلى خطاب الغائب، ونظير ذلك في القرآن كثير.
وعلى هذا فمتى طلق الزوج قبل الدخول؛ ننصف المهر بينهما؛ فإن عفا الزوج لها عن النصف الذي له كمل لها الصداق جميعه، وإن عفت المرأة عن النصف الذي لها منه، وتركت له جميع الصداق؛ جاز إذا كان العافي منهما رشيدًا جائز التصرف في ماله، وإن كان صغيرًا، أو سفيهًا؛ لم يصح عفوه؛ لأنه ليس له التصرف في ماله بهبة، ولا إسقاط، ولا يصح عفو الولي عن صداق الزوجة أبًا كان أو غيره، صغيرةً كانت أو كبيرة، نصَّ عليه أحمد في الأشهر عنه، وعنه رواية أنَّ له ذلك، وللشافعية قولان كهذين.
واشترطوا على القول بأنَّ له العفو شروطًا، وهي أن يكون ذلك من الأب، وأن تكون المرأة صغيرة، بكرًا طُلِّقت قبل الدخول. (١)
(١) انظر: «المغني» (١٠/ ١٦٠ - ١٦٢) «تفسير الطبري» و «ابن كثير» عند الآية [٢٣٧ من سورة البقرة] «الأوسط» (٨/ ٣٧٦).