قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله- في «الشرح الممتع»(٥/ ٤٠٨): وقال شيخ الإسلام: يصح أن يخالعها على غير عوض، وعلل ذلك بأمرين: أحدهما: أنَّ العوض حق للزوجة، فإذا أسقطه باختياره فلا حرج، كغيره من الحقوق. الثاني: الحقيقة أنه إذا خالعها، فإنما يخالعها على عوض؛ لأنها تسقط حقها من الإنفاق؛ لأنه لو كان الطلاق رجعيًّا؛ لكانت النفقة مدة العدة على الزوج، فإذا خالعته فلا نفقة عليه؛ فكأنها بذلت له عوضًا فهي قد أسقطت حقها الذي لها على الزوج من النفقة، وهو قد أسقط الحق الذي له على الزوجة من الرجعة، فالرجعة حق للزوج، والنفقة مدة العدة حق للزوجة، فإذا رضيا بإسقاطهما في الخلع فلا مانع.
هكذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-، ويجيب عن الاستدلال بالآية بأنَّ الغالب أنَّ الزوج لا يفارق زوجته إلا بعوض؛ لهذا قال تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩]، وما قاله الشيخ -رحمه الله- جيد؛ لأنه في الحقيقة خلع على عوض، وهو النفقة، وما قاله الشيخ ظاهر جدًّا إلا فيما إذا كان الطلاق آخر ثلاث تطليقات؛ لأنه إذا كان آخر ثلاث تطليقات؛ فإنَّ المطلقة ثلاثًا ليس لها على زوجها نفقة، وحينئذٍ لا يستفيد الزوج، ولكن يقال: إذا رضي بهذا؛ فالحق له.
قال: كذلك إذا خالعها بغير عوض، قلنا: لم يصح، وإذا لم يصح؛ فإنه إن وقع بلفظ الطلاق، أو نيته؛ فهو طلاق، وإن وقع بلفظ الخلع؛ فليس بشيء. اهـ (١)