وقد أجاب الجمهور على حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بأجوبة عديدة:
أحدها: تضعيف الحديث بأنَّ طاوسًا شذَّ فيه، ولم يذكر ذلك غيره، قال أحمد عند أن سأله الأثرم عن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بأي شيء تدفعه؟ فقال: أدفعه برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه.
وقال البيهقي -رحمه الله- في «سننه»: أخرجه مسلم، وتركه البخاري، وأظنه تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس ... . وساق الروايات.
ثم قال: فهذه رواية سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وعكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك بن الحارث، ومحمد بن إياس بن بكير كلهم عن ابن عباس أنه أجاز الثلاث وأمضاهن، قال ابن المنذر: فغير جائز أن نظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ثم يُفتي بخلافه. اهـ
ونقل ابن رجب عن الجوزجاني أنه قال: هو حديث شاذ. ونقل عن إسماعيل القاضي أنه قال في «أحكام القرآن»: طاوس مع فضله وصلاحه يروي أشياء منكرة، منها هذا الحديث.
الثاني: أنَّ الحديث منسوخ؛ ولذلك لم يقل به ابن عباس؛ لأنه علم في ذلك ناسخًا، قاله الشافعي، وأيَّده البيهقي بما أخرجه أبو داود من طريق: يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك، وقال:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.