والمكره، والغضبان الذي لا يعقل ما يقول؛ لأنَّ كُلًّا من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد، والطلاق إنما يقع من قاصد له، عالم به، والله أعلم. اهـ
وهذا التفسير هو الصواب، وعلى هذا فطلاق الغاضب على أقسام.
قال ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين»(٤/ ٥٠): وقسم شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه الغضب إلى ثلاثة أقسام: قسم يزيل كالسكر، فهذا لا يقع معه طلاق بلا ريب، وقسم يكون في مبادئه بحيث لا يمنعه من تصور ما يقول وقصده؛ فهذا يقع معه الطلاق. وقسم يشتد بصاحبه ولا يبلغ به زوال عقله، بل يمنعه من التثبت والتروي، ويخرجه عن حال اعتداله، فهذا محل اجتهاد. اهـ
قال ابن القيم في القسم الأول: وهذا لا يتوجه فيه نزاع أنه لا يقع. وقال في الثاني: لا إشكال في وقوع طلاقه، وعتقه، وصحة عقوده.
وقال في القسم الثالث: هذا موضع الخلاف، ومحل النظر، والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه، وعتقه، وعقوده التي يعتبر فيها الرضى، وهو فرع من الإغلاق الذي فسره الأئمة.
ثم ساق أدلةً كثيرة، وأوجهًا عديدة في ترجيح ذلك بلغت أكثر من عشرين وجهًا، وعزا القول بعدم وقوعه إلى الجمهور، وصرح به أصحاب أحمد، والشافعي، ومالك، ورجحه الإمام ابن عثيمين. (١)
(١) انظر: «الفتح» [باب (١١) من كتاب الطلاق] «زاد المعاد» (٥/ ٢١٥) «تهذيب السنن» (٣/ ١١٧ - ١١٨) «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان» لابن القيم.