فجعل له تربص أربعة أشهر، فإذا حلف على أربعة أشهر، أو ما دونها فلا معنى للتربص؛ لأنَّ مدة الإيلاء تنقضي قبل ذلك، أو مع انقضائه، وتقدير التربص بأربعة أشهر يقتضي كونه في مدة تناولها الإيلاء، ولأنَّ المطالبة إنما تكون بعد أربعة أشهر، فإذا انقضت المدة بأربعة أشهر فما دون؛ لم تصح المطالبة من غير إيلاء.
القول الثاني: أنَّ الإيلاء يكون بأربعة أشهر فما زاد، وهذا قول عطاء، والثوري، وأحمد في رواية، وأبي حنيفة؛ لأنه ممتنع عن الوطء باليمين أربعة أشهر؛ فكان موليًا كما لو حلف على ما زاد، وقول أبي حنيفة هنا مبني على قوله بأن الفيء يكون قبل انقضاء الأربعة؛ فإن انقضت وقع الطلاق، وخالفه الجمهور كما سيأتي إن شاء الله.
القول الثالث: الحلف على ترك الوط يعتبر إيلاء مطلقا لمدة قليلة، أو كثيرة، فكل من حلف على ترك وطء امرأته ولو لمدة يوم؛ فهو مولي، وهذا قول النخعي، وقتادة، وحماد، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وابن حزم، واستدلوا بعموم الآية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}، وهذا مولي.
والصحيح في هذه المسألة هو القول الأول، وهو ترجيح ابن القيم -رحمه الله- كما يظهر من كلامه في «زاد المعاد». (١)