وبقول عائشة -رضي الله عنها- في «الصحيحين»(١): لا خير لها أن تذكر ذلك. تعني فاطمة. وقالت عائشة كما في «البخاري»(٥٣٢٦): إنَّ فاطمة كانت في مكان وحش، فخيف على ناحيتها، فأرخص لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل: كانت فاطمة سيئة الخلق مع أهل زوجها، فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالانتقال. أشار إلى ذلك مروان كما في «البخاري»(٥٣٢٣)، وصرح بذلك سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار.
وقد أُجيب عن هذه المطاعن: بأنها صحابية جليلة من المهاجرات الأُوَل، فلم لا يقبل خبرها، وإن كانت امرأة، فقد قُبلت أخبار كثيرة من النساء، وهي تحكي قصة حصلت لها، وصاحب القصة أحفظ لها من غيره. وأما كونها خالفت القرآن في ذلك، فَرُدَّ بنقيضه، وقالوا: بل وافقت القرآن؛ فإنَّ الآيات من أول سورة الطلاق سياقها في المطلقة الرجعية، ولو فرض العموم في قوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ}؛ لكان حديث فاطمة مخصصًا للآية، ولا تعارض بين عام وخاص.
وأما قولهم: إنما كان ذلك لفحش من لسانها. فتأويل بعيد، فكيف لم ينكر عليها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذا الفحش، ويقول لها: اتقي الله، وكفي لسانك عن أذى أهل زوجك. وكيف يعدل عن هذا إلى قوله:«لَيْسَ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ».
وأما قولهم: إنها كانت في مكان وحش. فهو تأويل أقوى مما قبله، ولكن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بين في الألفاظ الأخرى أنَّ السكنى ليس لها على الزوج من الأصل،