للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَسْتَقْبِلُ الطّهْرَ؛ إذْ هِيَ فِيهِ، وَإِنّمَا تَسْتَقْبِلُ الْحَيْضَ بَعْدَ حَالِهَا الّتِي هِيَ فِيهَا، هَذَا الْمَعْرُوفُ لُغَةً، وَعَقْلًا، وَعُرْفًا؛ فَإِنّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ هُوَ فِي عَافِيَةٍ: هُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْعَافِيَةَ. وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي أَمْنٍ: هُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْأَمْنَ.

قال: فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ مَنْ طَلّقَ فِي الْحَيْضِ مُطَلّقًا لِلْعِدّةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ؛ لِأَنّهَا تَسْتَقْبِلُ طُهْرَهَا بَعْدَ حَالِهَا الّتِي هِيَ فِيهَا. قُلْنَا: نَعَمْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ.

ثم قال: وَلَوْ سَلّمْنَا أَنّ (اللّامَ) بِمَعْنَى (فِي)، وَسَاعَدَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- وَغَيْرِهِ {فَطَلّقُوهُنّ فِي قُبُلِ عِدّتِهِنّ}؛ فَإِنّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْقَرْءُ هُوَ الطّهْرَ؛ فَإِنّ الْقَرْءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ هُوَ الْحَيْضَ، وَهُوَ الْمَعْدُودُ وَالْمَحْسُوبُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الطّهْرِ يَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ تَبَعًا وَضِمْنًا لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنّ مِنْ ضَرُورَةِ الْحَيْضِ أَنْ يَتَقَدّمَهُ طُهْرٌ، فَإِذَا قِيلَ: تَرَبّصِي ثَلَاثَ حِيَضٍ. وَهِيَ فِي أَثْنَاءِ الطّهْرِ؛ كَانَ ذَلِكَ الطّهْرُ مِنْ مُدّةِ التّرَبّصِ، كَمَا لَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: أَقِمْ هَاهُنَا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ. وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةٍ؛ فَإِنّهُ يُدْخِلُ بَقِيّةَ تِلْكَ اللّيْلَةِ فِي الْيَوْمِ الّذِي يَلِيهَا كَمَا تَدْخُلُ لَيْلَةُ الْيَوْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي يَوْمَيْهِمَا. الثّانِي: أَنّ الْحَيْضَ إنّمَا يَتِمّ بِاجْتِمَاعِ الدّمِ فِي الرّحِمِ قَبْلَهُ؛ فَكَانَ الطّهْرُ مُقَدّمَةً وَسَبَبًا لِوُجُودِ الْحَيْضِ، فَإِذَا عُلّقَ الْحُكْمُ بِالْحَيْضِ فَمِنْ لَوَازِمِهِ مَا لَا يُوجَدُ الْحَيْضُ إلّا بِوُجُودِهِ. اهـ

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٤٧٩): ثم الطهر يدخل في اسم القُرء تبعًا كما يدخل الليل في اسم اليوم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>