ارتفع حدثه، ولم يتأثر به الماء؛ لأنه لا يحمل الخبث.
وقال: إذا انغمس الجنب، أو المحدث فيما دون القلتين، ينوي رفع الحدث، صار مستعملًا، ولم يرتفع حدثه.
وقال الشافعي -رحمه الله-: يصير مستعملًا، ويرتفع حدثه؛ لأنه إنما يصير مستعملًا بارتفاع حدثه فيه.
ثم استدل ابن قدامة -رحمه الله- على ما ذهب إليه بحديث:«لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ».
قلتُ: الراجح أنَّ حدثه يزول، سواءٌ كان الماء قلتين، أو أكثر، أو أقل، وكذلك يزول به الحدث بعد صيرورته مستعملًا، ما دام الماء طاهرًا لم يتغير بنجاسة.
وأما الحديث؛ فقد حمل الجمهور النهي الذي فيه بسبب صيرورته مستعملًا، وهذا غير صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٤٦): ونهيه عن الاغتسال في الماء الدائم قد يكون لما فيه من تقذير الماء على غيره، لا لأجل نجاسته، ولا لصيرورته مستعملًا؛ فإنه قد ثبت في «الصحيح» عنه أنه قال: «إن الماء لا يجنب». (١) انتهى.
وقال الشوكاني -رحمه الله- في «النيل»(١/ ٥٢): وأُجيب عن الاستدلال بحديث الباب بأنَّ علة النهي ليست كونه يصير مستعملًا، بل مصيره مستخبثًا بتوارد