الثالث: أنه يتيمم عن ذلك العضو، وهذا قول الشافعي، ولكنه قال: ويمسح عليها، واستدل بحديث جابر الذي في الباب، وتقدم أنه ضعيف.
والراجح -والله أعلم- أنه يكتفي بالتيمم عنها؛ فإنَّ التيمم كما ناب عن جميع الأعضاء عند عدم القدرة على استعمال الماء فيها، فكذلك ينوب عن بعض الأعضاء عند عدم القدرة على استعمال الماء فيها.
وقد رجَّح هذا القول شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في كتابه «أحكام التيمم»(ص ٩٣ - ٩٥).
ثم ظهر لي أنَّ القول الأول أقرب؛ لصحة ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- فعلًا وقولًا، فقد صحَّ عنه أنه فعل ذلك كما في «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ٢٤)، و «الكبرى» للبيهقي (١/ ٢٢٨)، وصح عنه أنه قال: من كان به جرح معصوب، فخشي عليه العنت؛ فليمسح ما حوله ولا يغسله. أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٣٦) بإسناد صحيح.
ولا يعلم لابن عمر -رضي الله عنهما- مخالف من الصحابة، بل جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضًا عند ابن المنذر في «الأوسط»(٢/ ٢٤)، ولكن إسناده ضعيف.
ويؤيد صحة قول الجمهور أنَّ الجروح، والجبائر كانت موجودة بكثرة عندهم، ولم ينقل أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بالتيمم عنها، والجمع بينها وبين الوضوء، فبقي أن يقال: إما أن تترك، كما قال أصحاب القول الثاني، أو يقال بالمسح،