للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فائدة: تقدم أنَّ الأم أحق بالطفل مالم تتزوج؛ فإن تزوجت فالأب أحق به، هذا قول الجمهور كما تقدم، وبقي إذا لم يكن الأب موجودًا، فهل تنتقل الحضانة إلى أقرباء الأب، وتؤخذ من الأم؟

قال بذلك الجمهور، والذي يظهر أنهم ليس لهم أخذها من الأم؛ لأنَّ الحديث الوارد كان النزاع فيه بين الأب والأم، وهم في درجة واحدة، وهذا قول الحسن، وابن حزم، وابن جرير، ثم ظهر لي أن قول الجمهور أقرب، وهو أن الأولياء أحق به بعد زواجها؛ لأنه يشق عليهم بقاؤه عند رجل أجنبي، وبذلك أفتى الإمام ابن باز مع غيره من أعضاء اللجنة الدائمة. (١)

فائدة أخرى: قال ابن القيم -رحمه الله-: وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ يَنْبَغِي التّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَهِيَ: أَنّا إذَا أَسْقَطْنَا حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِالنّكَاحِ، وَنَقَلْنَاهَا إلَى غَيْرِهَا، فَاتّفِقَ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا؛ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، وَهِيَ أَحَقّ بِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ الّذِي يَدْفَعُهُ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَتَرْبِيَتُهُ فِي حِجْرِ أُمّهِ، وَرَأْيِهِ أَصْلَحُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ فِي بَيْتِ أَجْنَبِيّ مَحْضٍ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا تُوجِبُ شَفَقَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَحُنُوّهُ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَأْتِيَ الشّرِيعَةُ بِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ بِمَفْسَدَةِ أَعْظَمَ مِنْهَا بِكَثِيرِ، وَالنّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَحْكُمْ حُكْمًا عَامًّا كُلِّيًّا: أَنّ كُلّ امْرَأَةٍ تَزَوّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، حَتّى يَكُونَ إثْبَاتُ الْحَضَانَةِ لِلْأُمّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُخَالَفَةً لِلنّصّ. اهـ (٢)


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٤٨٥ - ).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ٤٦٢ - ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>