قال: وَهَكَذَا سِرَايَةُ كُلّ مَأْذُونٍ فِيهِ لَمْ يَتَعَدّ الْفَاعِلُ فِي سَبَبِهَا كَسِرَايَةِ الْحَدّ بِالِاتّفَاقِ، وَسِرَايَةِ الْقِصَاصِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
قال: الْقِسْمُ الثّانِي: مُطَبّبٌ جَاهِلٌ بَاشَرَتْ يَدُهُ مَنْ يَطِبّهُ، فَتَلِفَ بِهِ؛ فَهَذَا إنْ عَلِمَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ أَنّهُ جَاهِلٌ لَا عِلْمَ لَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي طِبّهِ؛ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا تُخَالِفُ هَذِهِ الصّورَةُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ؛ فَإِنّ السّيَاقَ وَقُوّةَ الْكَلَامِ يَدُلّ عَلَى أَنّهُ غَرّ الْعَلِيلَ، وَأَوْهَمَهُ أَنّهُ طَبِيبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ ظَنّ الْمَرِيضُ أَنّهُ طَبِيبٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي طِبّهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ؛ ضَمِنَ الطّبِيبُ مَا جَنَتْ يَدُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَصَفَ لَهُ دَوَاءً يَسْتَعْمِلُهُ، وَالْعَلِيلُ يَظُنّ أَنّهُ وَصَفَهُ لِمَعْرِفَتِهِ وَحِذْقِهِ، فَتَلِفَ بِهِ؛ ضَمِنَهُ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِيهِ أَوْ صَرِيحٌ. يعني حديث الباب.
الْقِسْمُ الثّالِثُ: طَبِيبٌ حَاذِقٌ أَذِنَ لَهُ، وَأَعْطَى الصّنْعَةَ حَقّهَا، لَكِنّهُ أَخْطَأَتْ يَدُهُ، وَتَعَدّتْ إلَى عُضْوٍ صَحِيحٍ، فَأَتْلَفَهُ مِثْلَ أَنْ سَبَقَتْ يَدُ الْخَاتِنِ إلَى الْكَمَرَةِ، فَهَذَا يَضْمَنُ؛ لِأَنّهَا جِنَايَةُ خَطَإٍ، ثُمّ إنْ كَانَتْ الثّلُثَ؛ فَمَا زَادَ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ الدّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.
الْقِسْمُ الرّابِعُ: الطّبِيبُ الْحَاذِقُ الْمَاهِرُ بِصَنَاعَتِهِ اجْتَهَدَ، فَوَصَفَ لِلْمَرِيضِ دَوَاءً فَأَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ، فَقَتَلَهُ؛ فَهَذَا يُخَرّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: أَنّ دِيَةَ الْمَرِيضِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَالثّانِيَةُ: أَنّهَا عَلَى عَاقِلَةِ الطّبِيبِ، وَقَدْ نَصّ عَلَيْهِمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي خَطَإِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute