للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَسْفِكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، فَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ وَلَا قِتَالُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْفِقْهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ فَعَلَى هَذَا حُكْمُهُمْ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ.

قال: وَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ؛ عُزِّرُوا؛ لِأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ. وَإِنْ عَرَّضُوا بِالسَّبِّ، فَهَلْ يُعَزَّرُونَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِبَاضِيَّةِ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ: يُسْتَتَابُونَ؛ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ. قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: رَأَى مَالِكٌ قَتْلَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْقَدَرِ مِنْ أَجْلِ الْفَسَادِ الدَّاخِلِ فِي الدِّينِ، كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ. اهـ

قال: وَأَمَّا مَنْ رَأَى تَكْفِيرَهُمْ، فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ؛ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا؛ لِكُفْرِهِمْ، كَمَا يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ، وَاحْتُجَّ لَهم بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِهِم وَالْحَثِ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِفِعْلِ عَلِيٍّ -رضي الله عنه-: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ الله أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ الله تَعَالَى، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ. اهـ بتصرف يسير.

وهذا الأثر الذي ذكره ضعيفٌ كما في «الإرواء» (٢٤٦٧)، لكن ثبت عن علي -رضي الله عنه- بسند حسن كما في «مسند أحمد» (١/ ٨٦ - )، و «مستدرك الحاكم» (٢/ ١٥٢ - )، أنه قال: بيننا وبينكم أن نقيكم رماحنا؛ مالم تقطعوا سبيلًا، وتطلبون دمًا؛ فإنكم إن فعلتم ذلك؛ فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب

<<  <  ج: ص:  >  >>