للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَغَيْره، وَيَغُرّ غَيْره فَيَسْتَعْمِلهُ مَعَ أَنَّهُ نَجِسٌ.

قلتُ: وما اختاره النووي من تحريم البول في الماء القليل الجاري، مفهوم حديث الباب يرُدُّه؛ ولذلك قال الصنعاني في «سبل السلام» (١/ ٤٨): قلت: بل الأولى خلافه -يعني أنه ليس بمحرم- إذ الحديث في النهي عن البول فيما لا يجري، فلا يشمل الجاري، قليلًا كان، أم كثيرًا، نعم، لو قيل بالكراهة؛ لكان قريبًا. انتهى. (١)

فائدة: استدل بعض الحنابلة بهذا الحديث أعني: قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا يبولن أحدكم .... » الحديث على أنَّ الماء إذا بلغ قلتين، وأكثر ينجس إذا خالطه بول الآدمي، وعذرته، وإن لم يغيره، وخصصوا منطوق حديث القلتين بحديث الباب، وهذا القول رواية عن أحمد.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١/ ٥٦): والرواية الثانية أنه لا ينجس ما لم يتغير كسائر النجاسات، اختارها أبو الخطاب، وابن عقيل، وهذا مذهب الشافعي، وأكثر أهل العلم، لا يفرقون بين البول، وغيره من النجاسات؛ لقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث». (٢)

قال: وحديث أبي هريرة لابد من تخصيصه، بدليل ما لا يمكن نزحه، فيقاس عليه ما بلغ القلتين، أو يُخَصُّ بخبر القلتين؛ فإنَّ تخصيصه بخبر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أولى من تخصيصه بالرأي، والتحكم من غير دليل، ولأنه لو تساوى الحديثان لوجب


(١) وانظر «نيل الأوطار» (١/ ٦٧)، و «شرح العمدة» لابن الملقن (١/ ٢٧٧).
(٢) تقدم تخريجه في أحاديث الكتاب برقم (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>