قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: والحامل إذا رأت الدم على الوجه المعروف لها؛ فهو دم حيض، بناءً على الأصل.
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «الفتح»(٣١٨): وما ادَّعاه المخالف من أنه رشح من الولد، أو من فضل غذائه، أو دمِ فساد لعلة، فمحتاج إلى دليل، وما ورد في ذلك من خبر، أو أثر لا يثبت؛ لأنَّ هذا دمٌ بصفات دم الحيض، وفي زمان إمكانه، فله حكم دم الحيض، فمن ادَّعى خلافه؛ فعليه البيان. اهـ
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- هذا القول، واستدل عليه بقوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}[البقرة:٢٢٢]، فإذا خرج هذا الأذى، ووجد، ثبت حكمه. وقد رَجَّح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ محمد بن إبراهيم، وغيرهم.
وهذا القول هو الراجح -والله أعلم-، وأما كون عدة الحامل وضع الحمل، فلا ينافي أنه قد يحصل الحيض عند بعض النساء، ولكنها لا تعتد به، وإنما تعتد بوضع الحمل؛ لقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق:٤]، وأما جعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استبراء الأَمَة بالحيضة؛ فذلك لأنَّ غالب النساء لا يحضن أثناء الحمل، وإلا فلو وُجِدَ أمة تحيض أثناء حملها؛ لما اكتفي للاستبراء بحيضة، بل لابد من معرفة عدم وجود الحمل، والله أعلم. (١)