للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودليلنا: أن الأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا ما ورد الشرع به، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي» (١)، وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل.

وأما الأحاديث الواردة في «سنن أبي داود، والبيهقي»، وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالغسل لكل صلاة؛ فليس فيها شيء ثابت، وقد بَيَّنَ البيهقي، ومن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» أنَّ أم حبيبة بنت جحش -رضي الله عنها- استحاضت، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما ذلك عرق، فاغتسلي، ثم صَلِّي»، فكانت تغتسل عند كل صلاة (٢)، قال الشافعي -رضي الله عنه-: إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة. قال: ولا أشك أن غسلها كان تطوعًا غير ما أمرت به، وذلك واسع لها. هذا لفظ الشافعي -رحمه الله-، وكذا قاله شيخه سفيان بن عيينة، والليث بن سعد، وغيرهما، والله أعلم. اهـ

قلتُ: الراجح أنه ليس عليها إلا غسل واحد، إذا أدبرت حيضتها، وقد تكلم البيهقي على روايات الأمر بالغسل عند كل صلاة في «سننه الكبرى» (١/ ٣٤٩ - )، فأجاد -رحمه الله-.

وأما قول النووي -رحمه الله-: (وهو مروي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة) فقد أخرجها ابن المنذر في «الأوسط» (١/ ١٥٩)؛ إلا أثر ابن مسعود،


(١) أخرجه بهذا اللفظ البخاري برقم (٣٢٠) عن عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) جمع النووي -رحمه الله- بين لفظي حديث أم حبيبة بنت جحش، وفاطمة بنت أبي حبيش -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>