للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القِسْم الثَّالِث: الْمُبَاشَرَة فِيمَا بَيْن السُّرَّة، وَالرُّكْبَة فِي غَيْر الْقُبُل وَالدُّبُر، وَفِيهَا ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا:

أَصَحّهَا عِنْد جَمَاهِيرهمْ وَأَشْهَرهَا فِي الْمَذْهَب: أَنَّهَا حَرَام.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَرَامٍ، وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَة كَرَاهَة تَنْزِيه، وَهَذَا الْوَجْه أَقْوَى مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل، وَهُوَ الْمُخْتَار.

وَالْوَجْه الثَّالِث: إِنْ كَانَ الْمُبَاشِر يَضْبِط نَفْسه عَنْ الْفَرْج، وَيَثِق مِنْ نَفْسه بِاجْتِنَابِهِ إِمَّا لِضَعْفِ شَهْوَته، وَإِمَّا لِشِدَّةِ وَرَعه؛ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا الْوَجْه حَسَن، قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاس الْبَصْرِيّ مِنْ أَصْحَابنَا.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْوَجْه الْأَوَّل وَهُوَ التَّحْرِيم مُطْلَقًا مَالِك، وَأَبُو حَنِيفَة، وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء، مِنْهُمْ: سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَشُرَيْح، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاء، وَسُلَيْمَان بْن يَسَار، وَقَتَادَة. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَوَاز: عِكْرِمَة، وَمُجَاهِد، وَالشَّعْبِيّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَم، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَد بْن حَنْبَل، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن، وَأَصْبَغ، وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْر، وَابْن الْمُنْذِر، وَدَاوُدُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْمَذْهَب أَقْوَى دَلِيلًا.

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَس الْآتِي: «اِصْنَعُوا كُلّ شَيْء إِلَّا النِّكَاح»، قَالُوا: وَأَمَّا اِقْتِصَار النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مُبَاشَرَته عَلَى مَا فَوْق الْإِزَار، فَمَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَاب، وَالله أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>