للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي -رحمه الله- في شرح حديث ابن عباس الذي في الباب: فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث دَلَالَة عَلَى جَوَاز الِانْتِبَاذ، وَجَوَاز شُرْب النَّبِيذ مَا دَامَ حُلْوًا لَمْ يَتَغَيَّر، وَلَمْ يَغْلِ، وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة.

قال: وَأَمَّا سَقْيه الْخَادِم بَعْد الثَّلَاث وَصَبّه؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَن بَعْد الثَّلَاث تَغَيُّره، وَكَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَنَزَّه عَنْهُ بَعْد الثَّلَاث. اهـ (١)

قال ابن قدامة -رحمه الله-: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِ، أَوْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

وقال -رحمه الله- (١٢/ ٥١٢): أَمَّا إذَا غَلِيَ الْعَصِيرُ كَغَلَيَانِ الْقِدْرِ، وَقَذَفَ بِزَبَدِهِ، فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ، وَإِنْ أَتَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَغْلِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ حَرَامٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: اشْرَبْهُ ثَلَاثًا، مَا لَمْ يَغْلِ، فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَا تَشْرَبْهُ. وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: هُوَ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَغْلِ وَيُسْكِرْ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (٢)؛ وَلِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُسْكِرِ خَاصَّةً.

ثم استدل ابن قدامة على ترجيح المذهب بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي في الباب.

ثم قال: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُرْبُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ إذَا لَمْ يَغْلِ مَكْرُوهًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَحْرِيمِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: أَكْرَهُهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ


(١) «شرح مسلم» (٢٠٠٤).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٣٦٩٨) عن بريدة -رضي الله عنه- بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>