للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٦٨ - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)

الحكم المستفاد من الحديث

يُستحبُّ لقائد الجيش أن يوهم خروجه إلى مكانٍ وهو يقصد مكانًا آخر حتى لا يتأهب العدو فيأخذهم على غفلة، وذلك من الخداع المباح، وفي «الصحيحين» عن أبي هريرة، وجابر -رضي الله عنهما- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحرب خدعة». (٢)

قال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح» (٣٠٢٩): وَأَصْل الْخَدْع إِظْهَار أَمْر وَإِضْمَار خِلَافه. وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب، وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار، وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب كَيْفَمَا أَمْكَنَ، إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَانٍ؛ فَلَا يَجُوز، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ، وَبِالْكَمِينِ، وَنَحْو ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة، وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: «الحَجّ عَرَفَة»، قَالَ اِبْن المُنِير: مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة، أَيْ: الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا، الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا، إِنَّمَا هِيَ المُخَادَعَة لَا المُوَاجَهَة؛ وَذَلِكَ لِخَطَرِ المُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ المُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر. اهـ


(١) أخرجه البخاري (٢٩٤٧)، ومسلم (٢٧٦٩) (٥٤).
(٢) انظر «البخاري» (٣٠٢٩) (٣٠٣٠)، ومسلم (١٧٣٩) (١٧٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>