للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: وقيل: يُقسم بينهم بحسب الحاجة؛ لأنه يعلم أن من مقاصد الشرع دفع الحاجات، لكن خُصَّ ذوي القربى؛ لأنهم أحق الناس بمثل هذه الغنيمة. ثم استقرب -رحمه الله- هذا القول، وهو الصحيح.

ثم قال: فإن كانوا كلهم سواء في الغنى أو في الحاجة؛ أعطيناهم بالتساوي. اهـ

قال ابن القيم -رحمه الله- في «زاد المعاد» (٥/ ٨١): وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْسِمِهُ بَيْنَهُم عَلَى السَّوَاءِ بَيْنَ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَلَا كَانَ يَقْسِمُهُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لِلذّكَرِ مِثْلُ حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، بَلْ كَانَ يَصْرِفُهُ فِيهِمْ بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ، فَيُزَوّجُ مِنْهُ عَزَبَهُمْ، وَيَقْضِي مِنْهُ عَنْ غَارِمِهِمْ، وَيُعْطِي مِنْهُ فَقِيرَهُمْ كِفَايَتَهُ، وَفِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: وَلَّانِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خُمُسَ الْخُمُسِ، فَوَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ حَيَاةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنه-، وَحَيَاةَ عُمَرَ -رضي الله عنه-. (١) وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنّهُ كَانَ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهِ الْخَمْسَةِ، وَلَا يَقْوَى هَذَا الِاسْتِدْلَالُ؛ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنّهُ صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ الّتِي كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُهُ فِيهَا، وَلَمْ يَعْدُهَا إلَى سِوَاهَا، فَأَيْنَ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ بِهِ؟ وَاَلّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ هَدْيُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَحْكَامُهُ أَنّهُ كَانَ يَجْعَلُ مَصَارِفَ الْخُمُسِ كَمَصَارِفِ الزّكَاةِ، وَلَا يَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ، لَا أَنّهُ يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ كَقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَمَنْ تَأَمّلَ سِيرَتَهُ وَهَدْيَهُ حَقّ التّأَمّلِ لَمْ يَشُك فِي ذَلِكَ. اهـ (٢)


(١) أخرجه أبو داود برقم (٢٩٨٣)، وفي إسناده: أبو جعفر الرازي وهو ضعيف.
(٢) وانظر: «المغني» (٩/ ٢٩٤ - ٢٩٥) «الإنصاف» (٤/ ١٥٥ - ) «البيان» (١٢/ ٢٣٠) «زاد المعاد» (٥/ ٨٠ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>