للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذلال للذمي.

ورجَّح هذا القول ابن القيم، ونصره بكلام نفيس في «أحكام أهل الذمة»، ومما قاله: إنَّ الإسلام أعطى المؤلفة قلوبهم من الزكاة ليسلموا، فكيف يوجب على من أسلم دفع الجزية، وفي ذلك أيضًا تنفير عن الإسلام. (١)

تنبيه: الاعتبار في أحكام أهل الكتاب بمن يدين بدينهم، لا بالأنساب.

قال ابن القيم -رحمه الله- في «أحكام أهل الذمة» (١/ ٦٥): وأخذ الجزية من أهل الكتاب وحِلُّ ذبائحهم ومناكحتهم مرتب على أديانهم لا على أنسابهم؛ فلا يكشف عن آبائهم هل دخلوا في الدين قبل المبعث أو بعده، ولا قبل النسخ والتبديل ولا بعده؛ فإن اللّه سبحانه أقرَّهم بالجزية، ولم يشرط ذلك، وأباح لنا ذبائحهم وأطعمتهم ولم يشرط ذلك في حلها، مع العلم بأن كثيرًا منهم دخل في دينهم بعد تبديله ونسخه، وكانت المرأة من الأنصار تنذر إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما جاء الإسلامِ أرادوا منع أولادهمِ من المقام على اليهودية، وإلزامَهم بالإسلام، فأنزل اللّه تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة:٢٥٦]، فأمسكوا عنهم. (٢)

ومعلوم قطعًا أنَّ دخولهم في دين اليهودية كان بعد تبديله، وبعد مجيء المسيح؛ ولم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا ممن أقره بالجزية متى دخل آباؤه في الدين، ولا


(١) انظر: «المغني» (١٣/ ٢٢١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٥٧ - ).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٦٨٢)، والنسائي في «تفسيره» (٦٨) (٦٩)، وغيرهما بإسناد صحيح عن عبدالله ابن عباس -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>