للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الشافعية، والحنابلة، واختار ذلك شيخ الإسلام، وابن القيم رحمة الله عليهما.

واستدلوا على ذلك بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد صالح أهل قريظة وغيرهم مطلقًا.

وقولهم: (يؤدي إلى ترك الجهاد) ليس بصحيح؛ لأنَّه وإن كان مطلقًا، فنحن لا نقول بأنه يجوز أن يشترط جعله لازمًا، بل يكون عقدًا جائزًا إذا أردنا الخروج منه نبذنا إليهم العهد كما قال الله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} إلى قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١ - ٥].

فهؤلاء هم المعاهدون لغير مدة، وأما الذين لهم مدة، فقال فيهم: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة:٤].

وعليه فالعهد المطلق لا يجوز أن يجعل لازمًا، والعهد المؤقت يجوز أن يجعل لازمًا، ويجوز أن يجعل جائزًا على الصحيح، ومنعه بعضهم. (١)

تنبيه: إذا عقد المسلمون مع المشركين هدنة منعوا منهم أنفسهم، وأهل ذمتهم، وأما إذا عدا عليهم أهل حرب آخرين؛ لم تمنعهم منهم. (٢)


(١) انظر: «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٤٧٦ - ) «المغني» (١٣/ ١٥٤ - ١٥٥).
(٢) انظر: «المغني» (١٣/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>