للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٣٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «انْظُرُوا إلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)

الأدب المستفاد من الحديث

المقصود في الحديث أن الإنسان في الأمور الدنيوية ينظر إلى من هو أدنى منه؛ ليعلم نعمة الله عليه، وأما في الدين، والعبادة؛ فعليه أن ينظر إلى من هو أرفع منه؛ حتى لا يُعجب بنفسه، ويتكبر، وحتى يزداد اجتهادًا في العبادة.

قال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح» (٦٤٩٠): قَالَ اِبْن بَطَّال: هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ؛ لِأَنَّ المَرْءَ لَا يَكُون بِحَالٍ تَتَعَلَّق بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ اللَّحَاقَ بِهِ؛ اِسْتَقْصَرَ حَالَهُ، فَيَكُون أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ مِنْ رَبّه، وَلَا يَكُون عَلَى حَال خَسِيسَةٍ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ، فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ؛ عَلِمَ أَنَّ نِعْمَةَ الله وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ، فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ الشُّكْرَ، فَيَعْظُمُ اِغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ.

قال: وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي هَذَا الْحَدِيث دَوَاءُ الدَّاءِ؛ لِأَنَّ الشَّخْص إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيهِ حَسَدًا، وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الشُّكْر. اهـ


(١) أخرجه البخاري (٦٤٩٠)، ومسلم (٢٩٦٣) (٩). واللفظ لمسلم، وأما لفظ البخاري: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه»، وهذا اللفظ في «مسلم» أيضًا (٢٩٦٣) (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>