للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ -رحمه الله-: وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: تَكُون صِلَة الرَّحِم بِالْمَالِ، وَبِالْعَوْنِ عَلَى الْحَاجَة، وَبِدَفْعِ الضَّرَر، وَبِطَلَاقَةِ الْوَجْه، وَبِالدُّعَاءِ. وَالْمَعْنَى الْجَامِع إِيصَال مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْر، وَدَفْع مَا أَمْكَن مِنْ الشَّرّ بِحَسَبِ الطَّاقَة، وَهَذَا إِنَّمَا يَسْتَمِرّ إِذَا كَانَ أَهْل الرَّحِم أَهْل اِسْتِقَامَة؛ فَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا أَوْ فُجَّارًا فَمُقَاطَعَتهمْ فِي الله هِيَ صِلَتهمْ، بِشَرْطِ بَذْل الْجَهْد فِي وَعْظهمْ، ثُمَّ إِعْلَامهمْ إِذَا أَصَرُّوا أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَخَلُّفهمْ عَنْ الْحَقّ، وَلَا يَسْقُط مَعَ ذَلِكَ صِلَتهمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِظَهْرِ الْغَيْب أَنْ يَعُودُوا إِلَى الطَّرِيق الْمُثْلَى. اهـ

قال النووي -رحمه الله- (١٦/ ١١٣): قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَلَا خِلَاف أَنَّ صِلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة، وَقَطِيعَتهَا مَعْصِيَة كَبِيرَة. قَالَ: وَالْأَحَادِيث فِي الْبَاب تَشْهَد لِهَذَا، وَلَكِنَّ الصِّلَة دَرَجَات بَعْضهَا أَرْفَع مِنْ بَعْض، وَأَدْنَاهَا تَرْك المُهَاجَرَة، وَصِلَتهَا بِالْكَلَامِ وَلَوْ بِالسَّلَامِ، وَيَخْتَلِف ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْقُدْرَة وَالْحَاجَة، فَمِنْهَا وَاجِب، وَمِنْهَا مُسْتَحَبّ، وَلَوْ وَصَلَ بَعْض الصِّلَة ولَمْ يَصِل غَايَتهَا لَا يُسَمَّى قَاطِعًا، وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِر عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي لَهُ لَا يُسَمَّى وَاصِلًا. اهـ

قال المناوي -رحمه الله- في «فيض القدير» (٩٩٦٢): وقد ورد الحث فيما لا يُحصى من الأخبار على صلة الرحم، ولم يرد لها ضابط؛ فالمعول على العرف، ويختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال، والأزمنة، والواجب منها ما يعد به في العرف واصلًا، وما زاد تفضل ومكرمة. انتهى المراد.

قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: الذي يظهر أنَّ القطيعة تحصل بترك ما هو واجبٌ عليه فيهم بدون عذر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>