وهذا الحديث أصلٌ من أصول التورع، ويشبهه حديث:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»؛ فإنَّ من استهان بالشبهات جرَّه ذلك إلى الحرام، ومن ابتعد من الشبهات سلم من الحرام بتوفيق الله.
والحديث له فوائد عظيمة، وشرحها يطول، وإنما ألمحنا إلى الشاهد منه لهذا الباب، وقد شرحه الإمام ابن رجب -رحمه الله- في «جامع العلوم والحكم» فأفاد وأجاد.
١٤٦٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطِيفَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. (١)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث ذمٌّ لمن جعل الدنيا همَّه، وجعلها غاية مقصودة، وذم لمن قدمها على طاعة الله؛ فإنها تذله ويصير عبدًا لها، تُذَلِّلُه الدنيا والشيطان كما يشاء، فمن صرف عبادة لغير الله لينال بها دنيا؛ فقد أشرك، قال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هود:١٥ - ١٦].
قال الصنعاني -رحمه الله-: واعلم أنَّ المذموم من الدنيا كل ما يبعد العبد عن الله تعالى، ويشغله عن واجب طاعته وعبادته، لا ما يعينه على الأعمال الصالحة؛ فإنه غير مذموم، وقد يتعين طلبه ويجب عليه تحصيله. اهـ.