بأنهم لا يعلمون. الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه، فقال: اغفر لقومي.
العاشر: وهو الجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب، وهو تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه آلات بمنزلة حركات الرياح، وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه فهو الذي يحسن عبده بها، وهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه.
قال تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك»؛ فإذا جرد العبد التوحيد؛ فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله تعالى، بل يفرد الله بالمخافة، وقد أمنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلا واشتغالا به عن غيره، فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده؛ لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه؛ فإن الله يدافع عن الذين آمنوا؛ فإن كان مؤمنا فالله يدافع عنه، ولا بد وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه فإن كمل إيمانه كان دفع الله عنه أتم دفع، وإن مزج مزج له، وإن كان مرة ومرة، فالله له مرة ومرة كما قال بعض السلف: من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه جملة، ومن