للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٧٩ - وَعَنْهُ (١) -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (٢)

الأدب المستفاد من الحديث

بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ من استطاع أن يملك نفسه عند الغضب؛ فإنه رجل شديدٌ قوي، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال: أوصني. قال له: «لا تغضب» فردد مرارًا، قال: «لا تغضب» أخرجه البخاري (٦١١٦) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فمعناه أن لا ينفذ غضبه ولا يفعل ما يأمره غضبه به، بل يمسك نفسه في ذلك الوقت، وقيل: إن المعنى أن يجتنب أسباب الغضب، وأما الغضب نفسه فلا يُنهى عنه؛ لكونه ليس من فعله، بل هو طبيعي. وهذا المذموم هو الغضب في غير أمرٍ ديني، أما إذا انتهكت المحارم فقد كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يغضب من ذلك، ويتلون وجهه عليه الصلاة والسلام.

وقال الماوردي -رحمه الله- في كتابه «أدب الدنيا والدين» (ص ٢٥٨): وَاعْلَمْ أَنَّ لِتَسْكِينِ الْغَضَبِ إذَا هَجَمَ أَسْبَابًا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْحِلْمِ مِنْهَا:

أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَدْعُوهُ ذَلِكَ إلَى الْخَوْفِ مِنْهُ، وَيَبْعَثُهُ الْخَوْفُ مِنْهُ عَلَى الطَّاعَةِ لَهُ، فَيَرْجِعُ إلَى أَدَبِهِ وَيَأْخُذُ بِنَدْبِهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَزُولُ الْغَضَبُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:


(١) يعني: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>