للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنَّ الفخذ ليس بعورة، وهو قول ابن أبي ذئب، وداود، والطبري، وأحمد في رواية عنه، رجَّحها طائفة من متأخري أصحابه، والاصطخري من الشافعية، وحكاه بعضهم رواية عن مالك.

واستدل أهل هذا القول بحديث أنس -رضي الله عنه- في «الصحيحين» (١)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لَمَّا سار إلى خيبر، حَسَرَ الإزار عن فخذه. هكذا رواية البخاري، وفي رواية مسلم: انحسر. قال أنس فيهما: حتى إني لأنظر إلى فخذ نبي الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وإنَّ ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

ولا يصح أن يقال في هذا الحديث إنه انحسر من غير إرادة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ لأنَّ رواية البخاري تدل على أنه حسره بنفسه، وكذلك لو كان من غير قصد؛ لغَطَّاهُ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولا يصح أن يقال: إنه لم يعرف بانكشاف فخذه؛ لأنَّ الإنسان يشعر بانكشاف فخذه إذا انكشف، ولأنَّ أنسًا قد أخبر أن ركبته كانت تمس فخذ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ورواية البخاري لا تنافي رواية مسلم؛ إذ يمكن أن يُقال: حسر الإزار، فانحسر.

واستدل هؤلاء أيضًا بحديث عائشة -رضي الله عنها- في «صحيح مسلم» (٢٤٠١)، قالت: كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، فدخل، ثم استأذن عمر، فأذن له، فدخل، فلما دخل عثمان، سَوَّى ثيابه، ثم قال: «ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة»، وقد أخرجه الطحاوي


(١) أخرجه البخاري برقم (٣٧١)، ومسلم برقم (١٢٠)، من [كتاب الجهاد].

<<  <  ج: ص:  >  >>