في هذا كله، هذا مذهبنا، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الخنزير لا يفتقر إلى غسله سبعًا، وهو قول الشافعي، وهو قوي في الدليل. اهـ
قلتُ: هذا الحكم مبني على أنَّ الخنزير نجس، وهو قول جمهور أهل العلم، وقد نقله بعضهم إجماعًا، ولا يصح؛ فإنَّ مذهب مالك: طهارة الخنزير ما دام حيًّا، كما في «شرح المهذب»(٢/ ٥٦٨). وهو رواية عن أحمد كما في «الإنصاف»(١/ ٢٩٤)؛ لعدم وجود دليل صحيح، صريح على نجاسته، وأما قوله تعالى:{أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام:١٤٥]؛ فإنَّ قوله {رِجْسٌ} معناه: مستقذر، مستخبث، وليس بصريح في النجاسة، ويدل على ذلك قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحمر الأهلية:«إنها رجس»، وقد كانوا يركبونها ويمسونها، ولو كان المراد بـ {رِجْسٌ}: النجس؛ لكان ذلك متجهًا للحم كلحم الحمر، لا إلى الحيوان قبل موته، والأصل في الأشياء الطهارة، ولا يخرج عن ذلك إلا بدليل صحيح، صريح، و الله أعلم.
وقد قال النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب»(٢/ ٥٦٨): وليس لنا دليل واضح على نجاسة الخنزير في حياته.
ثم استدركت فقلت: ظهر لي، والله أعلم نجاسة الخنزير حيًّا وميتًا؛ لأن قوله تعالى:{رِجْسٌ} من الألفاظ المشتركة، واللفظ المشترك إذا لم يوجد دليل يبين المراد منه، وأمكن حمله على جميع معانيه؛ حمل عليها. ولأن الضمير يعود غالبًا على أقرب مذكور، ولأن حمل الضمير على اللحم دون الخنزير؛ يعود على التخصيص