واستدلوا أيضًا بحديث أبي ذر:«يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ... » الحديث، قالوا: فالسترة تحافظ على الصلاة من القطع، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومنها حديث سهل بن أبي حثمة عند أبي داود (٦٩٥) وغيره بإسناد جيد، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«إذا صلَّى أحدكم إلى سترة، فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته»، قالوا: ومحافظة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على السترة حضرًا، وسفرًا يدل على الوجوب.
• وذهب جمهور العلماء إلى استحباب الصلاة إلى سترة، وجعلوا الصارف للأحاديث السابقة من الوجوب إلى الاستحباب بعض الأحاديث، أصحُّها حديث ابن عباس في «البخاري»، وقد تقدم لفظه، وفيه: والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى غير جدار.
وقد أُجِيبَ على الجمهور: بأن نفي الجدار لا يدل على نفي وجود سترة أخرى، فاستدل الجمهور بروايةٍ عند ابن خزيمة (٨٣٨): والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى غير شيء يستره.
وهذه الرواية من طريق: عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيفٌ جدًّا.
واستدلوا بحديث الفضل بن عباس عند أبي داود (٧١٨)، والنسائي (٢/ ٦٥)، قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن في بادية لنا، ومعه عباس، فصَلَّى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا، وكلبة تعبثان بين يديه.
وهو حديث ضعيفٌ، في إسناده: عباس بن عبيدالله بن العباس، وهو مجهول حال، يرويه عن عمه الفضل بن عباس، ولم يدركه؛ فهو منقطعٌ، قاله ابن حزم،