يصلح أن يحمل أيضًا على القيام بعد الركوع بعد وجود أحاديث مبينة مفصلة لفعل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم يذكر فيها ذلك بعد الركوع، وقد جاء ذلك من حديث وائل بن حجر نفسه عند أبي داود (٧٢٦)، وغيره بإسناد صحيح، قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام، فاستقبل القبلة، فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ووضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من يديه ... ، الحديث.
فأنت ترى أنَّ وائل بن حجر ذكر موضع اليدين قبل الركوع، وأثناء الركوع، وأثناء السجود، وسكت على حالهما بعد الركوع مما يدل على أنه ليس لهما حالة تخالف ما عليه هيئة الإنسان قبل الصلاة، وإلا لذكرها، وكذلك يدل على أن مراده بالحديث:«إذا كان قائمًا»، أي: قبل الركوع، بدلالة حديثه هذا الذي فصَّل فيه ما أجمله بذلك الحديث.
وأما استدلالهم بحديث:«حتى يعود كل فقار مكانه»، وبحديث:«حتى ترجع العظام إلى مفاصلها»، فليس لهم فيهما مأخذ؛ لأنَّ المراد منهما تمام الاطمئنان بعد الركوع، والاعتدال حتى يعود عظام الظهر إلى حاله السابق قبل الركوع، وكيف يكون المراد منهما أن يضع اليمنى على اليسرى بعد الركوع، ولم يأتِ ذلك قبل الركوع في حديث المسيء في صلاته من جميع طرقه.
وبعد هذا البحث؛ فالأقرب عندي إلى الصواب قول من قال بالإرسال بعد