وفي «الأوسط» لابن المنذر (٥/ ٢٣٦): وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: "الَّذِي نَخْتَارُ لَهُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، إِلَّا الْوِتْرَ؛ فَإِنَّ لَهُ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً، وَأَمَّا صَلَاةُ النَّهَارِ فَأَخْتَارُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَضَحْوَةً أَرْبَعًا، لِمَا جَاءَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ كَانَ جَائِزًا.
وَفِيهِ قَوْلٌ آخر: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يُجْزِيكَ التَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ حَاجَةٌ فَتُسَلِّمَ. هَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ عَطَاءٌ كَذَلِكَ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الرَّجُلُ فِي سَعَةٍ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ فَصَلَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ ثِنْتَيْنِ. اهـ
وقال النووي -رحمه الله- في «المجموع» (٤/ ٤٩): قال أصحابنا: التطوع الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ، وَلَا حَصْرَ لَهُ، وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْه لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عَدَدًا وَلَهُ أَنْ لَا يَنْوِيَهُ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا شَرَعَ فِي تَطَوُّعٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ فَيَجْعَلَهَا رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ عَشْرًا أَوْ مِائَةً أَوْ أَلْفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَوْ صَلَّى عَدَدًا لَا يَعْلَمُهُ ثُمَّ سَلَّمَ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله- فِي الْإِمْلَاءِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أبا ذر -رضي الله عنه- صَلَّى عَدَدًا كَثِيرًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ -رحمه الله-: هَلْ تَدْرِي: انْصَرَفْتَ عَلَى شَفْعٍ أَمْ على وِتْرٍ؟ قَالَ: إلَّا أَكُنْ أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي إنِّي سَمِعْتُ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ -ثُمَّ بَكَى- ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute