صدقته»، فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على أنَّ قصر عدد الصلاة مما هو مرادٌ بالآية؛ لأنَّ قصر العدد هو الذي استمر في حالة الأمن، لا قصر الهيئة، والله أعلم.
وأُجيب عن استدلال الجمهور بهذه الآية بأنَّ الآية دليل عليهم؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد قال عند أن سأله عمر:«فاقبلوا صدقته»، والأمر يقتضي الوجوب.
وأجاب الجمهور: بأنَّ الأمر للندب؛ لأنه وقع جوابًا لسؤالهم، ولأنَّ الآية تدل على عدم الوجوب؛ لقوله فيها:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}.
وأُجيب عن استدلال الجمهور بهذه الآية بأنها دلَّت على إباحة القصر، وقد استُفيدَ الوجوب من أدلة أخرى، وقد تقدمت، فيؤخذ بها لأنَّ فيها زيادة.
وأجاب الجمهور على ذلك بما سيأتي إن شاء الله عند الجواب على أدلة القائلين بالقصر.
واستدل الجمهور على أنَّ القصر غير واجب بحديث عائشة الذي في الباب، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقصر في الصلاة، ويتم. وهو حديث باطلٌ، واستدل الجمهور أيضًا على عدم الوجوب: بإتمام عائشة، وعثمان، ولا يُعلم أنَّ أحدًا من الصحابة حكم على صلاتهما بالبطلان، بل كانوا يُصلُّون خلف عثمان.
وقال ابن عبد البر -رحمه الله- في «التمهيد»: وفي إجماع الجمهور من الفقهاء على أنَّ المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين، فأدرك منها ركعة أنه يلزمه أن يصلي أربعًا، فلو كان فرض المسافر ركعتين لم ينتقل فرضه إلى أربع، كما أنَّ المقيم إذا