للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«الصحيحين» (١) أنه أقام في حجة الوداع أربعة أيام، وهو يقصر الصلاة؛ فإنه وصل مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة، ثم أقام بها إلى صبيحة الثامن، فهذا يدل على أنَّ من عزم على إقامة أربعة أيام فحكمه حكم المسافر، فإذا زاد على هذه المدة فحكمه حكم المقيم على الأصل، والله أعلم.

وهذا القول رجَّحه الإمام ابن باز -رحمه الله-، وهو اختيار الشيخ يحيى حفظه الله.

وأما القائلون بتحديد خمسة عشر يومًا، فليس عندهم ما يعتمد عليه إلا أثر ابن عمر -رضي الله عنهما-، وقد جاء عن ابن عمر خلاف ذلك، وأمَّا رواية: «أقام بمكة خمسة عشر يومًا» فقد تقدم أنها ليست صحيحة.

وأما القائلون بتحديد تسعة عشر يومًا، فاستندوا إلى حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، الذي في الباب، وليس لهم فيه دلالة؛ لأنَّ الظاهر من الحديث أنَّ هذه الفترة أقامها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غيرَ عازم على إقامتها، بل وقعت اتفاقًا من غير قصد.

وأما القائلون بتحديد عشرة أيام؛ فحجتهم حديث أنس الذي في الباب، وهو في «الصحيحين»، وفيه زيادة: (قلت لأنس: كم أقمتم بها؟ قال: عشرًا)، لكن قال الإمام أحمد، وغيره: ليس لحديث أنس وجه؛ إلا أنه حسب أيام إقامته - صلى الله عليه وسلم - في حجته منذ دخل مكة إلى أن خرج منها، لا وجه له إلا هذا.


(١) أخرج البخاري برقم (١٠٨٥)، ومسلم برقم (١٢٤٠)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه قدموا صبيحة رابعة، مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة. الحديث
وفي «صحيح مسلم» (١٢١٨)، من حديث جابر -رضي الله عنه-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- توجه إلى منى في اليوم الثامن يوم التروية.

<<  <  ج: ص:  >  >>