• ثم اختلف الجمهور: هل الخطبتان شرطٌ، أم تجزئه خطبة واحدة؟
فذهب إلى الأول: أحمد، وهو المشهور من مذهبه، والشافعي وأصحابه، وذهب إلى الثاني: مالك، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وأحمد في رواية.
وذهب الحسن، وابن سيرين، وداود، وابن حزم، والجويني، وعبدالملك المالكي، ومالك في رواية إلى عدم وجوب الخطبة وإلى أنها مستحبة استحبابًا شديدًا؛ لمداومة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عليها.
وقد رجَّح الإمام الشوكاني هذا القول في «نيل الأوطار»، فقال: وَقَدْ عَرَفْتَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ.
وقال أيضًا: وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَمْرُ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ يُوقِعُهَا عَلَيْهَا، وَالْخُطْبَةُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ.