للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حزم -رحمه الله- في «المحلَّى» (٥٢٧): ومن لهذا الْمُقْدِم أن الله تعالى أراد بالذكر المذكور فيها الخطبة، بل أول الآية، وآخرها يكذبان ظنَّه الفاسد؛ لأنَّ الله تعالى إنما قال: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، ثم قال عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الجمعة:١٠]، فصح أن الله إنما افترض السعي إلى الصلاة إذا نودي لها، وأمر إذا قضيت بالانتشار وذكره كثيرًا؛ فصح يقينا أن الذكر المأمور بالسعي له هو الصلاة، وذكر الله تعالى فيها بالتكبير، والتسبيح، والتمجيد، والقراءة، والتشهد لا غير ذلك. اهـ.

قلتُ: يظهر لي -والله أعلم- أنَّ الصحيح قول الجمهور، أن الخطبة شرط لصلاة الجمعة؛ فإن لم تقم الخطبة؛ فلا يصلوا الجمعة، وإنما يصلون ظهرًا، لأنه لم يعهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه صلاة جمعة بدون خطبة، ويدل على ذلك أن الصحابة رضوان الله عليهم، لما وافق يوم الجمعة يوم العيد، وصلوا العيد مع ابن الزبير، ثم لم يخرج عليهم لصلاة الجمعة؛ صلوا الظهر وحدانًا، ولم يصلوا الجمعة.

فقد أخرج أبو داود (١٠٧١) بإسنادٍ صحيحٍ عن عطاء بن أبي رباح، قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد، في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له، فقال: «أصاب السنة». (١)


(١) وانظر: «المجموع» (٤/ ٥١٤)، «المغني» (٣/ ١٧٣)، «المحلَّى» (٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>