٧٠٥ - من طريق أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.
وقد نقل الإجماع على ذلك أيضًا ابن عبدالبر في «التمهيد»(٢٢/ ٢٣٠)، والقرطبي في تفسير سورة البقرة [آية:١٧٣]، وكذلك ابن رشد في «بداية المجتهد»(١/ ١٢٠)؛ إلا أنه قيَّد الإجماع بالحيوان البري، فقال: اتفق العلماء على أنَّ دم الحيوان البري نجس.
قلتُ: استدلال النووي -رحمه الله- بحديث أسماء لا يستقيم؛ لأنَّ دليله أخصُّ من دعواه، فالدليل يدل على نجاسة دم الحيض فقط، والدَّعوى أعم من ذلك، واستدلال غيره بقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة:٣] لا يتجه؛ لأنَّ التحريم لا يلزم منه النجاسة، وأما قوله تعالى في سورة الأنعام:{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام:١٤٥]؛ فإنَّ الضمير عائد على لحم الخنزير على الصحيح، ومع ذلك فقد اختلفوا في تفسير الرجس كما تقدم في مسألة [لعاب الخنزير]؛ ولذلك قال الشوكاني -رحمه الله- في «الدراري المضيئة»(١/ ٩٤): وأما سائر الدماء، فالأدلة فيها مختلفة، مضطربة، والبراءة الأصلية مستصحبة حتى يأتي الدليل الخالص عن المعارضة الراجحة، أو المساوية.
وقد صحَّ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه نحر جزورًا، وتلوث بدمائها، ثم صلَّى، ولم يغسلها. أخرجه عبدالرزاق (١/ ١٢٥)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٩٢)، وصححه الإمام الألباني -رحمه الله- في «الصحيحة»(١/ ٥٤٣)، وذهب -رحمه الله- إلى طهارة سائر الدماء ما عدا دم الحيض، وَبَيَّنَ عَدَمَ صِحَّةِ الإجماع بكلامٍ نفيس في «الصحيحة»(٣٠٠)