الثالث: الكراهة فيما هو شديد الحُمْرَة، ورُوي ذلك عن مالك، وأحمد، ورجَّحه كثير من الحنابلة.
وقد استدل القائلون بالكراهة بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن المعصفر؛ فالأحمر يدخل في ذلك من باب أولى، واستدلوا على ذلك بحديث البراء بن عازب عند البخاري (٥٨٤٩)، وفيه النهي عن المياثر الحُمُر، واستدلوا على ذلك بحديث علي بن أبي طالب عند أحمد (٩٦٣)(١١٦٢) بإسناد صحيح أنه قال في ضمن حديث طويل: «ونهانا عن القسي، والميثرة الحمراء»، وعند أبي داود (٤٠٥٠) بإسناد صحيح: «نهي عن مياثر الأرجوان».
وحملوا حديث أبي جحيفة، والبراء على أنها لم تكن حمراء خالصة، بل كانت مخططة بألوان أخرى.
وقد رجح هذا القول شيخ الإسلام -رحمه الله-، فقال كما في كتاب «شرح الصلاة من شرح العمدة»(ص ٣٧٨ - ): فقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن المياثر الحمر، وذلك يقتضي أن تكون الحمرة مؤثرة في النهي، والحديث عام في ا لمياثر الحمر، سواء كانت حريرًا أو لم تكن، ولو كان المراد بها الحرير؛ فتخصيصه الحمر بها دليل على أنَّ الأحمر من الحرير أشد كراهة من غيره، وذلك يقتضي أن يكون للحمرة تأثير في الكراهة، ثم أحاديث علي في بعضها:«عن القسي، والميثرة الحمراء»، وفي بعضها:«عن القسي والمعصفر»، وفي بعضها:«عن مياثر الأرجوان»، وهي كلها دليل على أنَّ المياثر هي الحمر، وإن لم تكن حريرًا، وأنَّ مناط الحكم حمرتها لا مجرد كونها حريرًا، وذلك أنَّ الأرجوان هو الأحمر الشديد الحمرة، كأنَّ اشتقاقه