من الأرج، وهو توهج رائحة الطيب؛ لأنَّ الأحمر يسطع لونه، ويتوقد كما تسطع الرائحة الزكية في الأرائج، قال أبو عبيد: الأرجوان الشديد الحمرة، والنهرمان دونه في الحمرة، والمفدم المشبع حمرة، والمضرج دونه، ثم المورد بعده. ثم قول علي:«نهى عن لبس الميثرة الحمراء» بدل قوله: «المعصفر» دليل على أنَّ المعصفر إنما نهاه عنه لحمرته، فتارة يعبر عنها باسمه الخاص، وتارة يعبر عنه بالاسم العام الذي هو مناط الحكم.
قال: وأيضًا إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نهى عن المعصفر، فغيره من الأحمر المشبع أولى بالنهي منه؛ إذ ليس في المعصفر ما يكره سوى لونه، وليس هو بأشدها حمرة، فغيره من الأحمر الذي يساويه في لونه، وبريقه، أو يزيد عليه؛ أولى أن ينهى عنه، والتفريق بينهما تفريق بين الشيئين المتماثلين، وذلك غير جائز، وأيضًا فإن هذا اللون يوجب الخيلاء، والبطر، والمرح، والفخر؛ فكان منهيًّا عنه كالحرير، والذهب؛ ولهذا أبيح هذا للنساء كما أبيح لهن الحرير، والذهب، فأما الخفيف الحمرة مثل المورد ونحوه فقد ذهبت بهجته، وتوقده، وصار قريبًا من الأصفر؛ فلا يكره، والأحاديث التي جاءت في الرخصة في الأحمر محمولة على هذا؛ فإنه يسمى أحمر، وإن كانت حمرته خفيفة، وعلى ما يكون بعضه أحمر مثل البرود التي فيها خطوط حمر، وهذا معنى قولهم: حلة حمراء.
قال: وهل هذه كراهة تحريم، أو تنزيه؟ فيه وجهان ... .
ثم ذكر وجهين في مذهب أحمد، والأصح في مذهب أحمد كراهة التنزيه. (١)