للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٥ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ إلَى اليَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً (١)، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِر. (٢) رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَشَارَ إلَى اخْتِلَافٍ فِي وَصْلِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ. (٣)


(١) التبيع: هو الذي استكمل سنة، والمسنة: ما استكملت سنتين.
(٢) معافر: هي قبيلة باليمن تنسب إليها الثياب المعافرية.
(٣) حسن بشواهده، دون قوله: (ومن كل حالم ... ). أخرجه أحمد (٥/ ٢٣٠)، وأبوداود (١٥٧٦)، والنسائي (٥/ ٢٥ - ٢٦)، والترمذي (٦٢٣)، وابن ماجه (١٨٠٣)، وابن حبان (٤٨٨٦)، والحاكم (١/ ٣٩٨)، كلهم من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ به.

وهذا الإسناد ظاهره الصحة، ولكنه قد أعل بالإرسال، قال الترمذي في «السنن»: وروى بعضهم هذا الحديث عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه بعث معاذًا ... وهذا أصح. اهـ، ورجح الدارقطني أيضًا المرسل كما في «التلخيص». وانظر من رواه مرسلًا: «تحقيق المسند» (٣٦/ ٣٤٠).
قلتُ: كذا قال الحافظ، والذي في العلل (٩٨٥) أنه رجح رواية الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ -رضي الله عنه-، وكذا رجح ذلك البيهقي (٩/ ١٩٣).
وله طريق أخرى عن معاذ: أخرجها أحمد (٥/ ٢٤٠)، من طريق يزيد بن أبي حبيب عن سلمة ابن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذًا قال بعثني رسول الله ... فذكره مطوَّلًا. وإسناده ضعيف؛ لأن سلمة مجهول، وشيخه مجهول الحال، ولم يدرك معاذًا كما قال الحافظ في «التعجيل».
وله طريق أخرى: أخرجها مالك في «الموطأ» (١/ ٢٥٩) عن حميد بن قيس المكي عن طاوس أن معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا ومن أربعين مسنة، وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئًا، وقال: لم أسمع من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيه شيئًا حتى ألقاه فأسأله ... .
ورجاله ثقات، ولكن طاوسًا لم يلقَ معاذًا، لكن قال الشافعي: طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذًا، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافًا.
ثم وجدت له طريقًا أخرى: أخرجه أبو عبيد (٩٩٣)، وابن زنجويه (١٠٥، ١٤٥٤)، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ. وهذا إسنادٌ منقطعٌ؛ لأن إبراهيم لم يدرك معاذا -رضي الله عنه-، وهو يقوي ما تقدم.
وله شاهد من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أخرجه أحمد (١/ ٤١١)، والترمذي (٦٢٢)، وابن ماجه (١٨٠٤)، وغيره، وفي إسناده خصيف الجزري ضعيف سيئ الحفظ، وأبوعبيدة لم يسمع من أبيه.
فالحديث بهذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن بل يرتقي إلى الصحة، وقد صححه الإمام الألباني، بل وأكثر العلماء المتقدمين والمتأخرين. انظر: «الإرواء» (٣/ ٢٦٨)، و «تحقيق المسند» (٣٩٠٥) (٢٢٠١٣) (٢٢٠٨٤).
تنبيه: الطرق الأخرى للحديث التي ذكرنا وحديث ابن مسعود ليس فيه ذكر الجزية (ومن كل حالم ... إلخ) فهي زيادة ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>