قلتُ: ووافق مالكًا على عدم جواز التعجيل ربيعةُ، والليث، وداود الظاهري، ونصر ذلك ابن حزم -رحمه الله-.
وقد استدل الجمهور على جواز تعجيل الزكاة بحديث الباب، وبحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ العباس منع الزكاة، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أما العباس فهي عليَّ ومثلها معها» متفق عليه. (١)
فقالوا: معناه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد تعجل منه صدقة عامين، كما جاء ذلك في بعض الروايات، منها: ما أخرجه البيهقي (٤/ ١١١) بإسناد صحيح إلى أبي البختري عن علي -رضي الله عنه- بنحو حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفيه:«أما علمت يا عمر أنَّ عم الرجل صنو أبيه، إنا كنا احتجنا فاستلفنا العباس صدقة عامين»، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع؛ لأنَّ أبا البختري لم يدرك عليًّا -رضي الله عنه-، كما في «جامع التحصيل».
وقالوا: حقوق الأموال كلها جائزٌ تعجيلها قبل أجلها قياسًا على ديون الناس المؤجلة، وحقوقهم، كالنفقات وغيرها.
وقد أجاب القائلون بعدم جواز التعجيل عن حديثهم بأنه ضعيفٌ.
وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي في «الصحيحين» فليس فيه التنصيص على ما ذكروا، بل يحتمل أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تحمَّل الصدقة عن عمه العباس كما هو ظاهر اللفظ، ويؤيد ذلك أنَّ عمر بن الخطاب لم يكن ليقول:(منع العباس)، وهو قد