للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثانية: قدر ثلاث أصابع، والثالثة: قدر الناصية، وعن أبي يوسف: نصف الرأس، وعن مالك، وأحمد، والمزني جميع الرأس على المشهور عنهم، وقال محمد بن مسلمة من أصحاب مالك: إن ترك نحو ثلث الرأس جاز، وهي رواية عن أحمد.

واحتج لمن أوجب مسح جميع الرأس بقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة:٦]، قالوا: وبالباء للإلصاق، كقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:٢٩]، وأيضًا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه مسح على جميع رأسه، وقياسًا على التيمم في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [النساء:٤٣]، ويجب فيه الاستيعاب.

واحتج من أجاز المسح بما يقع عليه اسم المسح، بأن قوله: {فَامْسَحُوا} يقع على القليل، والكثير، وثبت في «صحيح مسلم» (٢٧٤) (٨٣)، عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مسح بناصيته، وعمامته. فهذا يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع التقدير بالربع، والثلث، والنصف، وأيضًا فقد صحَّ عن ابن عمر أنه مسح على يافوخه (١)، وصحَّ عن سلمة بن الأكوع أنه مسح مقدم رأسه. (٢)

وقالوا: قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، لا نسلم أن الباء ههنا للإلصاق، بل هي للتبعيض، ونقلوا ذلك عن بعض أهل العربية، وقالت جماعة منهم: إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض، كقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وإن لم


(١) أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٢) عن معمر، عن أيوب، عن نافع عنه. وهذا إسنادٌ صحيحٌ. وثبت عند ابن أبي شيبة (١/ ١٦) من وجه آخر أنه كان يمسح من وسط رأسه إلى مقدمة رأسه.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٦) حدثنا حماد بن مسعدة، عن يزيد، وهو ابن أبي عبيد، عن سلمة به. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>