وأما قولهم: إنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه مسح جميع الرأس، فقد أجاب عنه الشوكاني في «النيل»(١/ ٢٤٦)، فقال: وَأُجِيبَ بِأَنَّ النِّزَاعَ فِي الْوُجُوبِ وَأَحَادِيثِ التَّعْمِيمِ، وَإِنْ كَانَتْ أَصَحَّ، وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ، لَكِنْ أَيْنَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ؟ وَلَيْسَ إلَّا مُجَرَّدَ أَفْعَالٍ، وَرُدَّ: بِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَيَانًا لِلْمُجْمَلِ، فَأَفَادَتْ الْوُجُوبَ.
قلتُ: وأما قياسهم على التيمم، فلا يستقيم؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد بين وجوب التعميم في التيمم بقوله لعمار -رضي الله عنه-: «إنما كان يكفيك أن تقول هكذا»، وضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسَحَ وجهه وكفيه.
والشاهد: قوله «إنما كان يكفيك»، فدَلَّ على أنَّ الصفة المذكورة هي المجزئة، وأن غيرها ليست بمجزئة، ولا تكفي.
وقول الشافعي في هذه المسألة هو الراجح فيما يظهر -والله أعلم-، وهو ترجيح ابن حزم، والحافظ، والشوكاني. (١)