الخامس: أنَّ الزكاة تجب في كل ما أخرجته الأرض؛ إلا الحطب، والقصب الفارسي، والحشيش الذي ينبتُ بنفسه، وهو قول أبي حنيفة، وزُفر، وقول داود الظاهري بنحو قول أبي حنيفة؛ إلا أنه قال: ما كان موسَّقًا؛ فلا زكاة فيه حتى يبلغ خمسة أوسق، وما لم يكن موسَّقًا؛ فتجب الزكاة في قليله، وكثيره.
قال أبو عبد الله غفر الله له: أما من عمَّمَ في كل ما يخرج من الأرض؛ فاستدل بعموم قوله تعالى:{وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}[البقرة:٢٦٧]، وبحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: «فيما سقتِ السماء العُشر»، وأما من قال في كل ما يُقتات ويُدَّخر؛ فحجَّتُهم القياس على ما ورد فيه النصوص، وهذا قول له حظه من النظر؛ لأنه في بعض البلدان لا يقتاتون الأربعة المذكورة في حديث الباب؛ ففي بعض البلدان أقواتهم الأرز، وفي بعضها أقواتهم الذرة، وفي بعضها لهم أقوات أخرى، وعليه فما سيعطى الفقراء من أموال الأغنياء، ولا تلزم الأغنياء في ذلك المكان زكاة واجبة، وهذا فيه ما فيه؟!.
وأما ابن حزم فاستدل على مذهبه بحديث جابر المذكور في الكتاب:«وليس فيما دون خمسة أوسق من تمر، ولا حبٍّ صدقة»، قال: والحبُّ في اللغة يُطلق على الشعير، والبر.
والأقرب في هذه المسألة هو قول مالك والشافعي؛ لما تقدم ذكره.
وأما حديث الباب فالأقرب أنه موقوف، ثم يتأول الموقوف على أنهم في ذلك الوقت ما وجدوا إلا هذه المزروعات، والله أعلم.