- صلى الله عليه وسلم - غير مرتفع، وهن محرمات على غيره في حياته وبعد مماته، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة، فالسبب الذي لهن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قائم مقام النسب، وقد نص على الصلاة عليهن؛ ولهذا كان القول الصحيح وهو منصوص الإمام أحمد -رحمه الله-: أنَّ الصدقة تحرم عليهم؛ لأنها أوساخ الناس، وقد صان الله سبحانه ذلك الجناب الرفيع وآله من كل أوساخ بني آدم، ويالله العجب! كيف يدخل أزواجه في قوله:«اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا»، وقوله في الأضحية:«اللهم هذا عن محمد وآل محمد»، وفي قول عائشة -رضي الله عنها-: ما شبع آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خُبز بُرٍّ، وفي قول المصلي:«اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد»، ولا يدخلن في قوله:«إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» مع كونها من أوساخ الناس، فأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بالصيانة عنها والبعد منها؛ فإن قيل: لو كانت الصدقة حرامًا عليهن؛ لحرمت على مواليهن، كما أنها لما حرمت على بني هاشم حرمت على مواليهم، وقد ثبت في «الصحيح» أن بريرة تصدق عليها بلحم فأكلته، ولم يحرمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي مولاة لعائشة -رضي الله عنها-.
قيل: هذا هو شبهة من أباحها لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجواب هذه الشبهة: أن تحريم الصدقة على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بطريق الأصالة وإنما هو تبع لتحريمها عليه؛ وإلا فالصدقة حلال لهن قبل اتصالهن به، فهن فرع في هذا التحريم، والتحريم على المولى فرع التحريم على سيده، فلما كان التحريم على بني هاشم أصلًا؛ استتبع ذلك مواليهم، ولما كان التحريم على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعًا؛ لم يقو ذلك على استتباع مواليهن؛ لأنه فرع عن فرع. قالوا: وقد قال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ