وقد اعتمد على هذا الجواب ابن حزم، ثم الشيخ الألباني رحمهما الله، مُعْتَمِدَيْنِ على حديث أبي سعيد، وحديث أنس -رضي الله عنهما-.
وَيَرِدُ على هذا الجواب: أنَّ الرَّاجح في حديث ابن عباس أنهما قضيتان (احتجم وهو محرمٌ)(احتجم وهو صائمٌ)، وجمع بينهما بعض الرُّواة كما في «البخاري»، قرر ذلك الحافظ في «التلخيص».
وحديث أبي سعيد، وأنس مُعَلَّان كما تقدم، فيبقى هذا الجواب احتمالًا، وهو أقوى الأجوبة، والله أعلم.
٢) ما أجاب به الشافعي أيضًا، وتبعه الخطابي، وبعض الشافعية من أنَّ المراد بحديث:«أفطر الحاجم، والمحجوم» أنهما كانا يغتابان في صومهما، كما جاء في بعض طرق الحديث (١)، وعلى هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما، كما قال بعض الصحابة لمن تكلم حال الخطبة:(لا جمعة لك)، أي: ليس لك أجرها، وإلا فهي صحيحة مُجزئةٌ عنه.
لكن لم يصح في الحديث أنهما كانا يغتابان، فيبقى هذا الجواب احتمالًا فقط.
٣) ما أجاب به الخطابي، والبغوي رحمة الله عليهما، أنَّ معناه:(تَعَرَّضَا للإفطار)، أما الحاجم؛ فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص، وأما المحجوم؛ فلأنه لا يأمن ضعف قوته بخروج الدم، فيؤول
(١) لا يثبت ذكر الغيبة في الحديث، أخرجه البيهقي في «الكبرى» (٤/ ٢٦٨)، من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، وفي إسناده: يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي، وهو متروك، وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن المديني أنه قال: حديث باطل.