للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث ما ورد هكذا إلا لفائدة؛ فالظاهر أنها وجدت منه الحجامة وهو صائمٌ لم يتحلل من صومه واستمر.

وقال الخطابي -رحمه الله- في «معالم السنن»: وهذا تأويلٌ باطلٌ؛ لأنه قال: احتجم وهو صائمٌ. فأثبت له الصيام مع الحجامة ولو بطل صومه بها لقال: أفطر بالحجامة.

قال النووي -رحمه الله-: قلت: ولأنَّ السابق إلى الفهم من قول ابن عباس «احتجم وهو صائمٌ» الإخبار بأنَّ الحجامة لا تبطل الصوم، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة. اهـ

٣) أنَّ هذا الترجيح لا يُرجع إليه إلا عند عدم إمكان الجمع وعند عدم النسخ، والأمر هنا بخلاف ذلك، ومع التسليم فقد يُعارض بترجيح حديث ابن عباس على حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم»، والله أعلم.

ونسأله تعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وما أحسن ما قاله الشوكاني -رحمه الله- بعد أن ذكر الخلاف: فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ مَكْرُوهَةٌ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَضْعُفُ بِهَا، وَتَزْدَادُ الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ الضَّعْفُ يَبْلُغُ إلَى حَدٍّ يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِفْطَارِ، وَلَا تُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَا يَضْعَفُ بِهَا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تَجَنُّبُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ أَوْلَى، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ» عَلَى المَجَازِ؛ لِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ. اهـ. (١)


(١) انظر: «شرح المهذب» (٦/ ٣٤٩ - ٣٥٣)، «الفتح» (١٩٣٨)، «نصب الراية» (٢/ ٤٧٢ - )، «التلخيص» (٢/ ٣٦٦ - )، «سبل السلام» (٤/ ١٣٠ - ١٣٥)، «الشرح الممتع» (٦/ ٣٩٢)، «نيل الأوطار» (١٦٤٤)، «توضيح الأحكام» (٣/ ١٦٩ - ١٧١)، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (١/ ٤٠٦ - ٤٥٠)، «مصنف ابن أبي شيبة» (٣/ ٥١)، «مصنف عبد الرزاق» (٤/ ٢١٠ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>