والثوري، وأبي حنيفة، والصحيح عند الشافعية، ورواية عن أحمد، وهو قول داود، وابن المنذر، ورجَّحه الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله-.
واحتج هؤلاء بأنَّ الله تعالى أمر بغسل الأعضاء، ولم يوجب الموالاة، وقد صحَّ عن ابن عمر أنه توضأ في السوق، ثم دعي إلى الجنازة فدخل المسجد، ثم مسح على خُفَّيْهِ. (١) واحتجوا أيضًا بحديث الباب: «ارجع فأحسن وضوءك»، ولم يأمره بالإعادة.
الثاني: أنه يجب الموالاة، وأن التفريق الكثير يضر، وهو قول قتادة، وربيعة، والليث، والأوزاعي، وأحمد في المشهور عنه، ومالك، واستدلوا بحديث خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بنحو حديث الباب، وفيه: فأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يعيد الوضوء. أخرجه أبو داود (١٧٥)، وأحمد (٣/ ٤٢٤)، وفي إسناده: بقية بن الوليد، ولم يصرح بالتحديث عن شيخ شيخه، وخالد بن معدان كثير الإرسال، ولم يسمِّ الصحابي؛ فيخشى من الانقطاع.
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بإعادة الوضوء، ولو لم تجب الموالاة؛ لأمره بغسل اللمعة، والآية دلت على وجوب الغسل، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيَّن كيفيته، وفسَّر مجمله بِفِعْلِهِ، وَأَمْرِهِ؛ فإنه لم يتوضأ إلا متواليًا، وأمر تارك الموالاة بإعادة الوضوء، وهذا القول رجحه ابن عثيمين -رحمه الله-، والشيخ يحيى الحجوري حفظه الله، وهو الراجح عندنا، والله أعلم.
(١) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (١/ ٨٤) بإسناد صحيح.