وهذه الصورة قد لا يستحضرها المتكلم باللفظ العام من الأئمة؛ لعدم وجودها في زمنهم والمقلدون لهم ذكروا ما وجدوه من كلامهم.
ولهذا أوجب مالك وغيره على مكاريها أن يحتبس لأجلها إذا كانت الطرقات آمنة ولا ضرر عليه في التخلف معها، وكانوا في زمن الصحابة، وغيرهم يحتبس الأمير لأجل الحيض والمتأخرون من أصحاب مالك أسقطوا عن المكاري الوداع وأسقط المبيت عن أهل السقاية والرعاية لعجزهم.
وعجزهم يوجب الاحتباس معها في هذه الأزمان، ولا ريب أن من قال: الطهارة واجبة في الطواف وليست شرطا؛ فإن يلزمه أن يقول: إن الطهارة في مثل هذه الصورة ليست واجبة لعدم القدرة عليها؛ فإنه يقول: إذا طاف محدثا وأبعد عن مكة لم يجب عليه العود للمشقة. فكيف يجب على هذه ما لا يمكنها إلا بمشقة أعظم من ذلك لكن هناك من يقول عليه دم، وهنا يتوجه أن لا يجب عليها دم لأن الواجب إذا تركه من غير تفريط؛ فلا دم عليه بخلاف ما إذا تركه ناسيا أو جاهلا، وقد يقال عليها دم؛ لندور هذه الصورة، ونظير ذلك: أن يمنعه عدو عن رمي الجمرة؛ فلا يقدر على ذلك حتى يعود إلى مكة أو يمنعه العدو عن الوقوف بعرفة إلى الليل أو يمنعه العدو عن طواف الوداع بحيث لا يمكنه المقام حتى يودع.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسقط عن الحائض طواف الوداع، ومن قال: إن الطهارة فرض في الطواف وشرط فيه؛ فليس كونها شرطًا فيه أعظم