الأول: عليه دمٌ، وهو قول سعيد بن جبير، وجابر بن زيد، وقتادة، والنخعي، وهو رواية عن أحمد، وقال به مالك في تقديم الحلق على الرمي، وفي تقديم الطواف على الرمي في رواية.
الثاني: ليس عليه دمٌ، وهو قول عطاء، وإسحاق، والشافعي، ورواية عن أحمد، وحمل ابن قدامة هذا الخلاف على الجواز لا على الإجزاء، فقال: ولا نعلم خلافًا بينهم في أنَّ مخالفة الترتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الإجزاء.
وقد نصر ابن دقيق العيد الرواية الأولى عن أحمد بعدم الجواز من المتعمد العالم بالسنة؛ معتمدًا على قوله في الحديث:«لم أشعر»، فقال: يختص الحكم بهذه الحالة، وهو الذي لا يشعر لجهله، أو نسيانه، وأما غيره؛ فيجب عليه الترتيب كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ لقوله:«خذوا عني مناسككم».
قلتُ: بل الصواب -والله أعلم- هو القول الثاني، وهو قول الجمهور؛ لأنَّ الترتيب لو كان واجبًا لم يسقط بالسهو، أو الجهل، والوقت مازال باقيًا، ولو كان واجبًا؛ لَأَمَرَه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بإعادة ما قدمه قبل وقته، وأيضًا قول الراوي: فما سُئل عن شيء قدم ولا أخر ... ، الحديث، يُوحي بالإباحة، وعدم وجوب الترتيب.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: قوله: «افعل، ولا حرج» يُشعِر بعدم وجوب الترتيب. اهـ
قلتُ: وأيضًا بعض الأحاديث ليس فيها ذكر النسيان، كحديث ابن عباس